منتديات زاوية بلعموري
حللتم أهلا ونزلتم سهلا
أنت غير مسجل
سجل عضويتك وشارك بأفكارك
أقبل ولا تتردد
نرحب بالاعضاء و كل الزوار
نتمنى لكم قضاء أوقات ممتعة
مشاركتم معنا دعم للمنتدى

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات زاوية بلعموري
حللتم أهلا ونزلتم سهلا
أنت غير مسجل
سجل عضويتك وشارك بأفكارك
أقبل ولا تتردد
نرحب بالاعضاء و كل الزوار
نتمنى لكم قضاء أوقات ممتعة
مشاركتم معنا دعم للمنتدى
منتديات زاوية بلعموري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري

اذهب الى الأسفل

الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري Empty الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري

مُساهمة من طرف Sawt Alahrar الأحد 30 أكتوبر 2016 - 14:11

الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري Dawla-24-04-2015

كلما اقترب موعد الإعلان عن التعديل الدستوري المرتقب تتصاعد حمى الحملات الإعلامية والتظاهرات التي يقودها نشطاء أمازيغ ينحدرون من منطقة القبائل، وهي حملات تصادفت هذه السنة مع ما يعرف في أدبيات الحركة الأمازيغية بذكرى الربيع البربري.
وقد اكتست هذه الحملات حدة في الشعارات التي رفعت في المظاهرات وفي الطروحات التي قدمت في المحاضرات وفي الكتابات التي نشرت في الصحف حيث تضمنت المطالبة بحصر الهوية الجزائرية في المكون الأمازيغي واعتبار المكون العربي الاسلامي دخيلا على هذه البلاد ، وتزايد الدعوات المنادية بتصحيح التاريخ بحجة أن الجزائر ليست عربية ووصفها البعض بأنها مستعمرة وأن اللغة العربية ليست اللغة الأم للجزائريين وغيرها من المواقف المتشنجة. كما اكتسبت الحملة الإعلامية في جانب منها طابعا هجوميا على شخص رئيس الجمهورية بينما ركزت في الجانب الآخر على مطالب تتعلق بمسألة الهوية. ودعا البعض إلى اعتماد حدث الربيع البربري الذي وقع سنة 1980 كمرجعية أيديولوجية لبلدان المغرب العربي .
لا شك أنه من حق كل شخص أن يعبر عن رأيه كتابة أو حديثا وكذا عبر التظاهر، لكنه ليس من حق أي كان وفي أي موقع تواجد أن ينصب نفسه متحدثا باسم الجزائريين. ولذلك تبقى الآراء التي يعبر عنها البعض تخصهم وتمثل وجهة نظرهم وهي لا تعبر بالضرورة عن رأي كل الجزائريين ولن تقبل منهم أساليب إملاء المواقف وإعطاء الدروس والدعوة إلى إقصاء المكون العربي الاسلامي من الهوية الجزائرية. إن إعادة إحياء أساليب الثمانينات والتسعينات عبر تحريض سكان منطقة معروفة بحساسيتها إزاء السلطة المركزية من أجل تمرير ترسيم الأمازيغية عبر البرلمان، في الوقت الذي لم يعارض فيه أي أحد ذلك التوجه القائم لدى السلطة، لا يعبر عن حكمة من يقف وراءه فقد يستعمل نفس الأسلوب لاحقا في مناطق أخرى لفرض تصورات قد تكون الجزائر في غنى عنها.
الجزائريون كل الجزائريين يعرفون تاريخ بلادهم منذ القدم حتى يومنا هذا ولم يقل أحد مهما كان موقعه من أن تاريخ الجزائر يبدأ مع دخول الاسلام لهذه البلاد. الجزائر دولة ألفينية ولا حاجة للتذكير بذلك وهذا أمر متروك للتاريخ وللمؤرخين وليس مجالا للاعلام والشطح والردح. الجامع المشترك الأعظم بين الجزائريين كل الجزائريين هو الانتماء للجزائر وللجزائر وحدها دون سواها ولم يقل أحد بغير ذلك. فالجزائر هي الهوية الجامعة وما يدخل في حيزها من مكونات وهي الاسلام والعروبة والأمازيغية تشكل قواسم مشتركة وثوابت مستقرة اتفق عليها الجزائريون فلا مزايدة بهذا الشأن ولا تهريج ولا تحريض شريطة أن نحتكم جميعا إلى مبدإ المواطنة وليس للنعرة العرقية المدمرة أو النزعة الجهوية المقيتة.
يلاحظ أن هناك حساسية مفرطة لدى النشطاء الأمازيغ بالنسبة لمنطقة تلمسان. ويظهر ذلك واضحا في النقد الموجه ضد رئيس الجمهورية وكذلك الانتقادات التي تعرضت لها مؤخرا شخصيتان بارزتان تنحدران من نفس المنطقة وهما رائد الحركة الوطنية الحاج مصالي والرئيس الأسبق أحمد بن بلة واتهامهما بالخيانة والعمالة لجهات أجنبية. لا شك أنه من بين الأسباب التي تقف وراء تلك الانتقادات والاتهامات إنجاب منطقة تلمسان لشخصيات وطنية دافعت عن الاتجاه العربي الاسلامي في الجزائر عن قناعة واقتدار وليس عن تبعية وانكسار، سواء خلال فترة الكفاح الوطني ضد المحتل الفرنسي أو أثناء ثورة التحرير المجيدة وبعد استرجاع السيادة الوطنية. وتسببت لهم تلك المواقف الفذة في عداوة لا حدود لها. فالحديث عن العروبة لدى البعض يعتبر خيانة وعمالة بينما التبعية لفرنسا تعبر وطنية.
هناك مغالطات كبيرة قيلت وتقال بالنسبة لما يعرف في علم اللسانيات باللغة الأم، وهناك تحريف متعمد لهذا المفهوم حيث يعتبرها البعض أنها تعني أقدم لغة استعملت في بلد معين خلال حقبة تاريخية معينة. وبموجب هذا التحريف الخاطئ يرى دعاة النزعة الأمازيغية أن اللغة الأم لكافة الجزائريين هي الأمازيغية. وانطلاقا من هذا التحريف يمكن أن نقول مثلا أن اللغة الآرامية التي تكلم بها السيد المسيح عليه السلام وهي ما تزال موجودة في منطقة معلولا بسوريا هي اللغة الأم للسوريين وهو قياس خاطئ، فالعربية هي اللغة الأم للسوريين وليست لهجة معلولا. وينطبق نفس الأمر على اللغة الهيروغليفية في مصر وهي لغة الحضارة المصرية القديمة والتي كتب بها حكام مصر القدماء المعروفين بالفراعنة كل منجزاتهم الحضارية. فهل الهيروغليفية هي اللغة الأم للمصريين إذا تكلمنا عن أقدم لغة، لا شك أن العربية هي لغتهم الأم ولا يختلف في هذا الأمر أي إنسان. ونفس الأمر ينطبق على اللغة السلتية في فرنسا وهي اللغة المتداولة اليوم في منطقة بروتانيا شمال غرب فرنسا باعتبارها أقدم لغة في فرنسا، إذ كانت لغة بلاد الغال قبل الاحتلال الروماني لفرنسا. لكن اللغة الفرنسية المتداولة حاليا مأخوذة من اسم قبائل الفرنك وهي قبائل جرمانية غزت فرنسا واحتلتها وبسطت هيمنتها عليها خلال القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد وحتى اسم فرنسا مشتق من اسم هذه القبائل. وهناك الكثير من الأمثلة التي يمكن أن نقيس عليها شرقا وغربا ولا فائدة من ذكرها.
إن التعريف المتعارف عليه علميا يقول إن اللغة الأم هي اللغة الأولى التي يتعلمها الطفل عبر اتصاله المباشر بالبيئة التي تحيط به في نشأته الأولى. فاللغة الأم علميا لا تعني أقدم لغة تكلم بها سكان الجزائر هذا إذا اعتبرنا أن ما يعرف بالأمازيغية اليوم هي أقدم لغة تخاطب بها الجزائريون المعاصرون قديما. فاللغة الأم ليست هي أقدم لغة تكلمها ساكنو منطقة جغرافية معينة أو ما صار يعرف بالوطن بل هي اللغة التي ينشأ عليها الطفل فقط في أي مكان وعبر أي زمان في العالم ومحاولة حصرها بالنسبة للجزائريين في الأمازيغية عمل مناف للحقيقة و لا يتماشى ومفهوم الدولة الوطنية في الجزائر المعاصرة التي يعتبر بيان أول نوفمبر 1954 هو المؤسس لها.
انطلاقا من التعريف السابق فإن اللغة العربية هي اللغة الأم لغالبية الجزائريين، فهي التي ينشؤون عليها منذ مرحلة ولادتهم إلى أن يشبوا ويبدأوا في التعامل مع الشارع بكل ما يحمل من متناقضات. لكن تبقى العديد من المناطق في الجزائر يشب أبناؤها على اللهجات الأمازيغية فتلك بيئتهم، ولا تشكل تلك المناطق بأي حال من الأحوال نسبة غالبة في المجتمع. هذه هي الحقيقة ولا حقيقة غيرها. كما أن القول بأن الجزائريين أمازيغ تعربوا وأن كل سكان بلاد المغرب بربر، حسب الوصف الذي كان شائعا طوال القرون الماضية، لا يستند إلى أي مقاربة علمية. فشمال أفريقيا كغيره من المناطق الواقعة في حوض البحر المتوسط كان مهدا لتعاقب العديد من الحضارات بفعل التدافع البشري، وهي سنة كونية. ونتح عن التفاعل الحضاري بين أسلاف الجزائريين المعاصرين وغيرهم من الشعوب التي اختلطت بهم، الإنسان الحزائري المعاصر الذي يدين بالإسلام ويتكلم العربية مع احتفاظ البعض، وهم أقلية، باللغة الأمازيغية. ولعل أبرز عنصر صبغ هذه البلاد بصبغة لا تمحوها عاديات الزمان هو الإسلام الذي حمل العربية ونتج عنهما الطابع العربي الإسلامي لهذه البلاد.
إن اللغة العربية لم تعمم بالقانون ولم تفرض بالجبر ولا بالإكراه على غير الناطقين بها عبر مختلف العصور، ولم تؤسس لها مؤسسات حكومية لفرضها على الجزائريين. وعندما جرى الحديث عن التعريب، وهو مصطلح خاطئ، خلال السبعينات من القرن الماضي كان المقصود به إحلال العربية محل الفرنسية في الإدارة وفي التعليم وفي المحيط ولم تكن الأمازيغية هي المقصودة بذلك. وعندما سن قانون لتفعيلها في أواخر تسعينات القرن الماضي تم حل البرلمان الذي أقر ذلك القانون وقامت الدنيا ولم تقعد من طرف البعض وتم توقيف عملية التحول السياسي برمتها في الجزائر ومن ثم توقيف العمل بذلك القانون وتجميده إلى غير رجعة، فالجزائر تعاني اليوم تغولا رهيبا للفرنسية نتيجة لتلك العملية التي تمت في غياب الشعب. وما يزال ذلك القانون مجمدا حتى اليوم فعندما سئل مؤخرا وزير في الحكومة الحالية عن ضرورة كتابة لافتات المحلات باللغة العربية بوصفها من الناحية الشكلية هي اللغة الرسمية أجاب بأنه لا يوجد قانون يقر ذلك. لا توجد لغة على ظهر الكون عانت من الحقد والتهميش والتدمير الممنهج في أطوار التعليم المختلفة وفي المحيط مثلما عانت منه العربية لغة الغالبية العظمى لأهل هذه البلاد. لأن الجزائر ابتليت بنخبة تعادي لغة الشعب وتسعى بكل الطرق لفرض اللغة الفرنسية عليه والعمل على قلب الحقائق في وضح النهار. ولولا أن العربية سارت جنبا إلى جنب مع الكتاب الذي حملته إلى العالمين، وهو القرآن الكريم كتاب الله الخالد، لاندثرت ولكن إرادة الله هي الغالبة.
لقد تظافرت عدة عوامل لانتشار العربية دون جبر ولا إكراه، ففضلا عن تشبث أهلها بها يشكل انتشار الإسلام في بلاد المغرب أهم تلك العوامل، وصار سكان هذه البلاد من أبرز العاملين على نشره والدفاع عنه. يلي الإسلام في الأهمية، الوجود البشري الكبير لقبائل عدنانية استقرت عبر ربوع هذه البلاد خلال الحكم الفاطمي مما دفع إلى توسيع التعامل بالعربية. ثم هناك الحضور القوي للأندلسيين الفارين من البطش الاسباني الذين استقروا بالسواحل وكانوا حملة ثقافة عربية راقية فساهموا في تعزيز العربية في المناطق التي استقروا بها. يضاف إلى ذلك اعتبار العربية منذ بدايات القرن الثامن عشر لغة رسمية في الجزائر مع بدايات عصر الدايات. كما أن اعتمادها في التعليم الأهلي كلغة علم ومعرفة وفهم للدين والاتصال بالآخرين كان عاملا حاسما في ترسخها عبر مختلف المناطق. فلم تفرض العربية بحد السيف ولم تقطع رقاب من لا يعرفها ولم تعرب أي جماعات بالقوة والإكراه. فلما بدأ الاحتلال الفرنسي كانت العربية قد عمت مختلف مناطق الجزائر ولذلك لجأ إليها باعتبارها وسيلة الاتصال الأوسع في هذه البلاد ثم بعد سيطرته على الجزائر بصورة نهائية عمل على إقصائها عن مواقع الحياة وحشرها في القبور، وفرض الفرنسية بديلا عنها في مختلف مجالات الحياة. ولذلك كان الدفاع عن العربية مبدأ ثابتا في النضال من أجل الاستقلال. ولما استرجعت الجزائر سيادتها كانت العربية من بين ما تم استرجاعه وعملت القيادات الوطنية على إحلالها محل اللغة الفرنسية في الادارة ومرافق الحياة. لم يكن اعتماد العربية كلغة رسمية موجها ضد الأمازيغية لأن هذه الأخيرة كانت في تلك الفترة مجرد لهجات شفوية، لكن لقي استعمال العربية معارضة من نخب محدودة لكنها تتمتع بنفوذ قوي في الادارة. ولذلك لم يكتب النجاح لمساعي الدولة وظل وجودها مقتصرا على مجال التعليم في مراحله الدنيا دون المستويات العليا مع تغيير المناهج بما يضمن إفراغ العربية بصورة نهائية من جوهرها. وبالرغم من تشبث الشعب بلغته والدفاع عنها وحفظها من الزوال إلا أن النخبة المفرنسة التي حكمت الجزائر بعد الاستقلال عمقت من حضور الفرنسية وهمشت العربية إلى أن صارت غريبة بين أهلها وتطاول عليها كل من وجد القدرة في نفسه لضربها.
انطلاقا مما تقدم يبدو واضحا أن الجزائر المستقلة لم تفرض اللغة العربية على الشعب الجزائري ولم تعرب الجزائريين بل كانت العربية موجودة في المجتمع بأغلبيته العظمى وفاعلة في حياته لأنه اعتبرها جزءا من هويته، بينما ظلت اللهجات الأمازيغية شفوية بالرغم من محاولات الآباء البيض الاستخدام المكثف للهجة قبائل زواوة في نشر المسيحية بتلك المنطقة واعتبارها الأكثر قربا لفرنسا بهدف دمج سكانها. وشكلت محاولات الآباء البيض لطبع الإنجيل بلهجة قبائل زواوة بدايات تدوين تلك اللهجة بحروف لاتينية. اليوم يسعى النشطاء الأمازيغ لفرض تلك اللهجة على كل الجزائريين بوصفها لغة رسمية ووطنية وفرضها في مرحلة لاحقة في مختلف بلدان المغرب بوصفها اللغة الأم لسكان شمال افريقيا. في الواقع، لم تكن العربية في أي يوم من الأيام في حالة عداء مع اللسان الأمازيغي بلهجاته المختلفة، لقد كانت حاملة للدين الإسلامي والقيم التي جاء بها فاعتز بها الأمازيغ وتعلموها طواعية لفهم الدين ومن ثم المساهمة في نشره عبر مجاهل أفريقيا وفي الأندلس. فصارت العربية جزءا من ذاتيتهم دافعوا عنها وهذا ابن باديس الصنهاجي يعلن بأنه سيفني بياض شعره دفاعا عن العربية مثلما أفنى عليها سواده أي شبابه. فالعربية بهذه الصفة هي اللغة الأم لأغلبية سكان بلاد المغرب، فهي التي ينشأ عليها أطفالهم منذ الصغر وهي التي يفتخر بها كبارهم كلغة علم وعمل عند الكبر، بها كسبوا معارفهم الدينية والدنيوية وبواسطتها نشروا إنتاجهم الفكري وعبرها أبرزوا عبقريتهم بين الأمم. كانت العربية عنوانا لهم فانتسبوا لأهلها. يلخص الشيخ عبد الحميد بن باديس الصنهاجي رائد النهضة الروحية الجزائرية هذا الواقع بقوله: شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب من قال حاد عن أصله أو قال مات فقد كذب... هذا لكم عهدي به حتى أوسد في الترب فإذا هلكت فصيحتي تحيا الجزائر والعرب.
بالنسبة للحديث الذي صار يلوكه كل من هب ودب بالقول إن الجزائر بلد مستعمر، فمن غير الحكمة أن يتكلم قادة الرأي في هذه البلاد بهذه الصيغة التي أقل ما يقال عنها أنها غريبة عن الجزائريين الذين وقفوا بالأمس القريب كرجل واحد لطرد المحتل الفرنسي، وهي في أبسط صورها نموذجا للثرثرة التي يتداولها المستلبون ثقافيا في صالونات الاغتراب بفرنسا والذين ما يزالون يقدسون الأطروحات الاستعمارية القائلة بأن العرب استعمروا الجزائر ليتقبل الجزائريون استعمار فرنسا لهم باعتبارها وريثة روما. فلا العامة لهم الحق في الإفتاء بشأن تاريخ الجزائر لأنه ليس بمقدورهم ذلك فهذا مجال المتخصصين في التاريخ، ولا المستلبون ثقافيا هم من يقررون هل الجزائر دولة مستقلة أم ما تزال مستعمرة من طرف العرب. وفي الواقع، فإن انتشار الإسلام بمنطقة قبائل زواوة ارتبط أساسا بوجود الدولة الحمادية وهي مملكة أمازيغية صرفة ظهرت في القرن الحادي عشر من التقويم الميلادي. فبعد أن انتقل الحماديون من القلعة بالمسيلة إلى مدينة بجاية التي أسسوها على أنقاض قرية صلداي الكنعانية وأطلقوا عليها اسم الناصرية احتفاء بمؤسسها الناصر بن علناس، ساهموا في نشر الإسلام بتلك النواحي لتعزيز سلطتهم الدنيوية بسلطانهم الديني. لم يصل العرب، سواء ممن ساهموا في الفتوحات أو الذين استقروا ببلاد المغرب خلال الحكم الفاطمي، لمنطقة القبائل بل اقتصر وجودهم على مناطق السهول والصحاري. وقد تأسست الدولة الحمادية سنة 1014م وانتقل قادتها إلى بجاية بعد سنة 1067 م وهي سنة تأسيس تلك المدينة، أي بعد ثلاثة قرون كاملة من بدايات دخول الإسلام لبلاد المغرب إذا اعتبرنا أن تلك البدايات كانت على يد عقبة بن نافع سنة 670 م. أما العرب الذين يقيمون بمنطقة القبائل وأصبحوا مع مرور الوقت يتكلمون الأمازيغية ويعتبرون أنفسهم جزءا من تركيبتها السكانية فهم أحفاد الأدارسة مؤسسي إمارة هاز جنوب ولاية البويرة وغرب ولاية المسيلة. فعندما ناصر الزيريون وهم قبائل أمازيغية الشيعة الفاطميين وأصبحوا خلفاءهم فيما بعد ببلاد المغرب خاض زعيمهم زيري بن مناد حربا ضد قبائل زناتة من جهة وضد الإمارات العلوية الإدريسية من جهة أخرى، بهدف القضاء على كل منافس للفاطميين الذين ينسبون أنفسهم أيضا للعلويين. وكانت إمارة هاز من بين الامارات الإدريسية التي قضى عليها زيري بن مناد مما دفع ببعض أمرائها إلى اللجوء لجبال جرجرة لمناعتها فاندمجوا مع سكانها. إن الحركة المرابطية التي ما تزال موجودة بتلك المناطق واعتزاز البعض بنسبهم إلى الأدارسة حقيقة تاريخية لا مراء فيها. يضاف إلى أمراء هاز،المشار إليهم، أحفاد الأمير الإدريسي حمزة بن الحسن بن سليمان العلوي مؤسس مدينة برج حمزة وهي البويرة اليوم. أما العرب العدنانيون وهم أحفاد بني يزيد بن زغبة المستقرون في ولايات البويرة والمدية وبومرداس فنقلهم الحكام الموحدون للإقامة بتلك المناطق لأنهم وقفوا إلى جانبهم في بسط سلطانهم على الجزائر. ولذلك فسكان هذه المناطق معظمهم من أصول عربية وبعضهم اندمجوا مع قبائل صنهاجية.
إن فكرة استعمار الحزائر التي تطرح بين الحين والآخر من طرف دعاة النزعة البربرية أو البربريزم هي دعوة حق يراد بها باطل كما قال الخليفة الراشدي علي بن أبي طالب كرم الله وجهه. وأقل ما يقال عنها أنها تثير الفتنة بين أبناء البلد الواحد. فكيف يجري الحديث عن استعمار بينما أبناء البلاد وليس الأجانب هم الذين يتولون حكمها. عندما نستقرئ تاريخ الجزائر في القديم والحديث وخاصة منذ حلول الإسلام بهذه البلاد، باعتبار أن الفترة الإسلامية هي المستهدفة، فإنه باستثناء فترة الاحتلال الفرنسي فإن كل الحكام الذين تداولوا على السلطة وقادوا دولا وأقاموا ممالك وإمارات لم يكونوا من أصول عربية بدءا بطارق بن زياد قائد الجيش الإسلامي الذي فتح إسبانيا سنة 711، مرورا بالدولة الرستمية أول دولة أقيمت في ظل الإسلام بجهود أبناء الجزائر وبعدها الدولة الحمادية والدولة الموحدية والدولة الزيانية والعهد العثماني وانتهاء بمرحلة الاستقلال. ويحق لنا أن نتساءل من هم قادة تلك الحقبة التي عاشت الجزائر في وقتها أزهى عصورها. لأنه خلال الحقبة الإسلامية فقط، استطاع الجزائريون أن يقيموا ممالك مستقرة وأن يشيدوا حواضر زاهية وأن يساهموا تلقائيا وعن اقتناع في الحضارة العربية الإسلامية بوصفها حضارة إسلامية العقيدة عربية اللسان عالمية الجهد.
في كل المشاكل التي تعرفها الجزائر حول الهوية لا بد من البحث عن المدرسة الاستعمارية الفرنسية في التاريخ، هذه المدرسة الكولونيالية هي التي رسخت في أذهان بعض الجزائريين مجموعة من الأفكار الشاذة كالفكرة القائلة بأن الجزائر هي أرض الغزوات الخارجية وأن العرب غزاة وأن الإسلام دين بدوي لا يتماشى مع الحضارة وغيرها من الأفكار الهدامة التي تبناها البعض وصار يدافع عنها. والواقع غير ذلك فالجزائر هي ملتقى الحضارات التي عرفها حوض البحر المتوسط كغيرها من الدول المتاخمة لها، وهي تاج الحضارة العربية الإسلامية في بلاد المغرب، والعرب هم جزء أصيل منها وليسوا دخلاء عنها والإسلام شكل قفزة حضارية أخرجت الجزائر ومنطقة بلاد المغرب من السيطرة البيزنطية وفتح أمامها الطريق لإقامة ممالك أمازيغية وطنية كبرى بعد أن كان الحكام غربيين رومان أو وندال أو بيزنطيين.
من الثابت تاريخيا أنه خلال الحقبة الإسلامية، وهي أزهى حقبة في تاريخ بلاد المغرب، تمكن الأمازيغ من تأسيس دول وحواضر ما يزال يذكرها التاريخ وامتد سلطان الحكام الأمازيغ إلى اسبانيا أو الأندلس تحت راية الإسلام. فكيف يدعو البعض اليوم إلى تصحيح التاريخ والقول بأن الجزائر لا علاقة لها بالعرب وغدا سيقولون بأنه لا علاقة لها بالإسلام. وكان يجب رفع شعار تصحيح التاريخ من النظرة الاستعمارية الفرنسية التي عملت طوال احتلالها للجزائر على تكريس النزعة المعادية للعرب وللإسلام. ولعله من الأهمية التساؤل عما تجني الجزائر من الصراعات التي قد تحصل نتيجة لهذه التصورات الدخيلة على المجتمع الجزائري.
Anonymous
Sawt Alahrar
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري Empty رد: الدولة الوطنية الجزائرية بين مرجعية بيان أول نوفمبر وحدث الربيع البربري

مُساهمة من طرف الشلالي الأحد 22 يناير 2017 - 17:37

شكرا
الشلالي
الشلالي
عميد
عميد

ذكر الموقع : الجزائر
عدد المساهمات : 402
تاريخ التسجيل : 28/11/2014
المزاج : عادي
الابراج : الجدي تاريخ الميلاد : 01/01/1914
العمر : 110

https://belamouri.ahlamontada.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى