إنطباعات عائد من شلالة العذاورة

في شلالة العذاورة أو ماجينو أيام زمان، كان اللقاء .. لقاء السير والتجارب والذكريات .. جلسات رعاها والي ولاية المدية، ونسج خيوطها الدكتور الطيب ولد عروسي، وآزرته طاقات شابة من أبناء العذاورة ..
في شلالة العذاورة أو ماجينو أيام زمان، كان اللقاء .. لقاء السير والتجارب والذكريات .. جلسات رعاها والي ولاية المدية، ونسج خيوطها الدكتور الطيب ولد عروسي، وآزرته طاقات شابة من أبناء العذاورة .. فكان النتاج صورة جميلة أبانت بحق عن قدرات كانت كامنة هناك في أحياء الكاف والغابة وجنان البايلك وغيرها من أحياء المدينة التي تقع في الأعالي كأنما تبتغي المجد والعلو والسؤدد على الدوام.. ماجينو مدينة المجاهدين والشهداء فتحت ذراعيها للقادمين من كل ربوع الوطن .. ماجينو التي لا زالت تفخر بالكثير من أبنائها البررة، والذين بدورهم يعتزون بانتمائهم إليها .. لا زالوا يتذكرون أيام الفقر والحرمان كما يتذكرون ويؤمنون بفضل العلم، وبفضل المدرسة الجزائرية ومعلميها .. يتذكرون كيف كانوا يقطعون المسافات حفاة عراة من أجل لقاء معلم بشوش يعلمهم أبجديات القراءة والحساب ومسك القلم ...
هناك في شلالة العذاورة جمعنا الشمل بأبناء الوطن ممن نعرفهم وممن نسمع عنهم وممن عرفناهم أول مرة .. هناك تلذذنا كؤوس الشاي بنكهة الأحاديث الحلوة مع المجاهدين والمثقفين والمعلمين ورجال الإعلام .. في تلك البقعة تجلى لنا أن أبناء الجزائر يهوون الوطن ويضحون في سبيل إتقان العمل وإنجاز المهم الصعبة، كأن تترك رشيدة قاسم العاصمة وتحج إلى الجلفة إيمانا منها بضرورة المساهمة في مشروع "إذاعة في كل ولاية" ومنها إلى تيارت ليستقر بها المقام في المدية .. وتبدي استعدادها لمساعدة الشباب لأنها ترى نفسها فيهم عندما كانت في سنهم ...
هناك في شلالة العذاورة لمسنا تواضع أبنائها ممن بلغوا درجات رفيعة وتحصلوا على أعلى الشهادات، فها هو الدكتور يحي جعفري، الذي تجذبك فصاحته وتحاليله، يسترجع ذكريات طفولته وهو يقطع مسافات طويلة من "النسيسة" إلى المدرسة أين يصل مرهقا، مغبرا، يصفعه الفقر والحرمان .. ليصبح اليوم دكتورا في العلوم الاقتصادية ..
هناك في شلالة العذاورة اكتشفت أن الأستاذ وحيد جلال الجزائري مذيع محطة المدية كان أستاذا للموسيقى، نبرات صوته لا يمكن أن تنسى، وكلماته الشعرية الرومنسية تأسرك .. عرفت أن له أصدقاء من مدينتي (مصطفى بن زاهية، عباس بومامي، المهدي ضربان ... ) والرجل لا زال على العهد رغم أن الأيام أبعدته عنهم ..
في شلالة العذاورة الدكتور أحمد زغدان عميد ورئيس جامعة المدية يعبر عن إعجابه بأبناء شلالة العذاورة وخصوصا الطيب ولد عروسي الذي لا يمكن أن ترفض دعوته لحضور الأيام الثقافية بل دعوته تشريف لكل المدعوين ..

هناك في الشلالة يغوص بك الدكتور بشير متيجة في دهاليز علوم التربية، وتجربته في تعليم اللغة العربية لأبناء المهجر، وما لاقاه أمثاله من عراقيل حاولوا بذكاء تجاوزها إيمانا منهم أن أبناء الوطن في الخارج لهم الحق في تعلم لغتتهم ودينهم وعاداتهم ...
هناك في ماجينو يبحر بك الإعلامي المعروف عبد القادر مام في ثقافة الصورة وما لها من وقع على الذاكرة، وترافقه إلى كاليدونيا الجديدة مجانا فتطلع على ما عاناه أجدادك المنفيون وما يعانيه أبناؤهم واحفادهم من اغتراب وتيه ... آلاف الكيلومترات تفصلهم عن جزائرهم التي اشتاقوا لرؤيتها .. ويناقش معك تقنيا كيف تم إنجاز هذا العمل، وما هي مختلف ردود الأفعال بعد بثه ... يقول: خلقنا لأداء رسالة وترك بصمات في هذا العالم كل في مجال تخصصه ...
هناك في الشلالة عرفت الدكتور لعموري عليش أستاذ الفكر الإسلامي بالمدرسة العليا للأساتذة .. عرفت أنه من مواليد سيدي عيسى، وكيف كافح من أجل التعلم متنقلا من باب الواد إلى سيدي عيسى إلى تاقديت والعودة إلى العاصمة .. واكتشفت حماسه أثناء مناقشة المداخلات وثقافته الواسعة ...
هناك كان الجميل الدكتور سعيد بن زرقة الذي اطلعنا على تجربته في الكتابة الساخرة، وتأثره بالأسماء الكبير في هذا الاختصاص .. معرجا على أيام الدراسة وأيامه بثانوية ابن شكاو، وذكرياته مع زملائه من الشلالة وسيدي عيسى ومحيط التيطري عموما ..
ابن المدينة الدكتور الطيب ولد عروسي وهو اسم على مسمى .. الرجل يحظى باحترام الصغير والكبير من الحضور .. سي الطيب "الوطني" هو مدير معهد العالم العربي بباريس، نموذج للرجل المثقف، الهادئ .. غزة دوما في قلبه .. يحب غزة وغزة وأبناؤها يحبون الطيب .. ولا ينسون أبدا أنه كان من السباقين إلى السعي في توأمة مدينة دنكرك الفرنسية ومدينة غزة .. وهو من بذل جهودا مضنية ولاقى مصاعب كبيرة مع الاحتلال الصهيوني لإنشاء مكتبة غزة العامة بمعايير دولية ليستفيد منها أهلنا هناك ...
الدكتور رشيد مياد، ابن المدينة، والأستاذ بجامعة المدية جال بنا في أروقة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين بمناسبة يوم العلم، وأفاد الحاضرين بالخطط الاستعمارية ومقاومة العلماء الجزائريين لها .. أما الدكتور فيصل لكحل فقد حلق بالحضور في سماء التراث والحداثة والقيم الأخلاقية ..هو أيضا أبناء المدينة وهو يدرس بجامعة تيارت ..
ما عدت به في جعبتي هو التنظيم المحكم من لدن شباب متحمس نظموا أنفسهم في جمعية الياقوت للعلوم .. وكرم الضيافة، وجدية المداخلات والمناقشات .. فشكرا لك شلالة العذاورة ولأهلك وأناسك .. وتحية خاصة للدكتور الطيب ولد عروسي ..

منقول

وفقكم الله

اللهم لك الحمد